خط أحمر :
تختلف مناهج عمل الحكومات من بلد لآخر ،حسب عديد من المعطيات ،لكن يبقى أنجحها هي الاستشرافية ذات الخطط النوعية المرنة ،
فلكل حكومة نهج… فترى حكومة مستشرفة للمستقبل … مرنة ورشيقة… مبدعة ومبتكرة… قيادتها قوية واثقة وذات رؤية…… تقيم وتدير نفسها بمدى تحقيقها لأهدافها ومؤشرات أدائها الإستراتيجية والتشغيلية الواضحة والمحددة والقابلة للقياس والمتابعة… فتجدها تعمل ما تقول وتقول ما تعمل… فتكسب بذلك ثقة شعبها والعالم بأسره… وهنا ترتقي بأوطانها وسعادة شعوبها لتصبح نماذج يحتذى بها ويسعى الجميع لمحاولة محاكاة تجربتها…
وترى حكومات أخرى فاقدة لبوصلتها… ليس لديها أية رؤية أو حتى تصور بسيط للغاية التي تبغي الوصول إليها على المدى القصير أو البعيد… ترتعد وترتجف خوفا من إعلان أية أهداف أو مؤشرات إستراتيجية محددة قابلة للقياس والمتابعة، حتى لا يتم متابعتها وتقييمها على مدى تحقيقها فيظهر ضعفها وعجزها… !!
حكومات بيروقراطية جامدة ينتقل أداؤها من السيء للأسوأ… تدير نفسها بشكل هزيل من خلال إدارتها للأزمات المفروضة عليها خارجيا أو داخليا أحيانا، أو تلك التي تضع نفسها فيها في معظم الأحيان…!في عالمنا .. نماذج محدودة من حكومات النهج الأول وكثير من حكومات النهج الثاني… وهناك حكومات تمكنت من تحقيق سعادة شعوبها، من خلال تبني نهج حكومي واضح موجه بتحقيق الأهداف التي تجلب تلك السعادة،حيث تمكنت من تحقيق الريادة في مؤشرات تنموية واقتصادية وتقنية… فبمقدار ماتتبنى الحكومات اساليب ومناهج عمل جديدة لزوم العمل الحكومي المرن لتحقيق “تغيير أدوات التغيير” ، والإنتقال إلى عمل حكومي أسرع من السابق وأقرب إلى الواقع وأكثر مواكبة للمتغيرات العالمية. أبرز ما في النهج الجديد هو التخلي عن فكر التخطيط الإستراتيجي بعيد المدى والتركيز على عدد محدود من المشاريع التحولية الكبرى التي يمكن تنفيذها على المدى القصير والمتوسط والتي تحدث أثرا مباشرا في إسعاد الناس، حيث تستند منهجية العمل الحكومي الجديدة على محددات من أبرزها: أن العمل الحكومي في المستقبل ستقوده المشاريع التحولية الكبرى وليس فقط الخطط الإستراتيجية طويلة الأمد، وأن دورات التخطيط القادمة ستكون مرنة وسريعة على مدى 6 أشهر مثلا إلى عامين، بدلا من دورات التخطيط الإستراتيجي المعهودة من 5 إلى 10 أعوام، والإنجاز من خلال تحديد واستهداف عدد محدود من الأولويات الوطنية، بحد أقصى 10 أولويات، وليس قائمة أمنيات من عشرات المشاريع التي لن يرى معظمها النور كما هو الحال في بعض الخطط “التأشيرية” الحكومية، وتشكيل فرق العمل وزارية لتنفيذ كل مشروع تحولي، والإنتقال من المسؤولية الفردية للوزارات إلى المسؤولية المشتركة لفرق العمل الوزارية التي سيتم توقيع عقود أداء معها ومتابعة أدائها من قبل مجلس الوزراء، ووضع وتطبيق سلم من الحوافز والترقيات وربطه بأداء فرق المشاريع التحولية وقدرتها على أنجازها ضمن مؤشرات الإداء والجداول الزمنية المحددة.
ما أحوجنا في وطننا الأعز لتبني هكذا نهج حكومي استشرافي تحولي من قبل حكومة قوية واثقة بنفسها وقدرتها على الإنجاز… مشروعات وطنية تحولية كبرى.. محدودة العدد عظيمة النتائج التركيز على مشاريع نخبوية تحرك الانتاجية ببعض القطاعات بأولوية ضمن نهج حكومي جديد يجب النظر إليه بعين الجدية والاهتمام من قبل الحكومة الحالية والحكومات اللاحقة ،عل في ذلك المحافظة على اعتمادات وعدم ضياعها في مطارح لن يتم تعويضها ربما مطلقا ،او تكون منفذا لدائرة الفساد وغيره من أبواب الإهمال والتسيب ..!