برعاية وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا، انطلقت منذ قليل فعاليات الورشة العلمية التخصصية التي تقيمها الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تحت شعار “تطوير إدارة محصول القمح لمواجهة أثر التغيرات المناخية” في مكتبة الأسد بدمشق.
واكد وزير الزراعة في كلمته على أن القمح يعد المحصول الأول من حيث المساحة المزروعة والإنتاج في العالم وهو أحد ركائز الأمن الغذائي، وقد زاد الطلب عليه في الآونة الأخيرة نتيجة التزايد السكاني عالمياً وخاصة الدول النامية التي تعتمد في غذاءها بشكل أساسي على القمح ومنتجاته، وقد خطت الجمهورية العربية السورية وخاصة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي خطوات حثيثة وجيدة في هذا المجال، إذ كانت سورية من الدول المستوردة للقمح خلال ثمانينيات ومنتصف تسعينيات القرن الماضي وكان القرار بزيادة مساحة الأراضي المخصصة لزراعة القمح البعل والمروي، فتحقق الاكتفاء الذاتي، وكثفنا جهودنا واهتمامنا بهذا المحصول من خلال استنباط الأصناف ذات الإنتاجية العالية والمتحملة للظروف البيئية وأصبح لدينا فريق وطني من مربي القمح… نعم ونقولها بكل فخر… أصبح لدينا فريق وطني سوري في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية مؤهل ومدرب على مستوى عالي، وصار لدينا برامج وطنية لتربية وتحسين وتهجين واستنباط أصناف من القمح القاسي والطري في عدد من مراكز البحوث في المحافظات وبالتعاون مع مراكز البحوث العربية والدولية، وبجهود هؤلاء الباحثين وبتقديم الدعم الكامل من وزارة الزراعة والحكومة استطعنا الانتقال من مرحلة الندرة إلى مرحلة الوفرة وأصبحنا نصدر كميات من القمح القاسي لعديد الدول العربية والأوروبية وحققنا مخزون من مادة القمح وصل إلى ثلاث سنوات تقريباً وتم تخزينه وحفظه بطرق وأساليب علمية للحفاظ علية وحمايته من آفات القمح المخزونة المختلفة بالتعاون مع المؤسسة السورية للحبوب.
لقد أولت البحوث الزراعية اهتمامها بمحصول القمح ووضعت حزمة من الإجراءات المناسبة لزراعته تتضمن تحضير الأرض للزراعة ومواعيد الزراعة والتوصية السمادية ومواعيد الإضافة ومعدلات البذار المناسبة في الزراعة البعل والمروية، وكذلك الخارطة الصنفية للأصناف. والآن تواجه الكثير من دول العالم العديد من الأزمات التي تؤثر في عملية تأمين الغذاء، ولعل التغيرات المناخية الحاصلة في العالم ومنطقتنا هي التحدي الأبرز، والتي سببت ارتفاعاً في درجات الحرارة وزيادة حدة الجفاف والتغير والتطور السريع في سلالات الأمراض والحشرات، مما شكل تهديداً حقيقياً لزيادة الإنتاج الزراعي، ومن هنا ظهرت الحاجة الى مضاعفة الجهود المبذولة من أجل تحقيق الأمن الغذائي للشعوب وتطوير أصناف القمح القاسي والطري لمواجهة الإجهادات الإحيائية واللاإحيائية وتقديم الخدمات المناسبة وتطوير وتسريع برامج التربية التقليدية. وقد قامت الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بإدخال برامج التربية السريعة لرفد البرامج الوطنية بالمادة الوراثية النباتية اللازمة خلال فترة قصيرة لتساهم في نهضة زراعة القمح وتحقيق التنمية والاستقرار الغذائي. لذلك نجد أن ملف الأمن الغذائي يشكل أولوية قصوى للدولة من خلال العمل على مسارات متوازية لتحقيق هذا الهدف عن طريق توفير الغذاء من الإنتاج المحلي والتخزين الاستراتيجي وتأمين مستلزمات الزراعة من بذار وأسمدة ومبيدات ومحروقات ومكننة زراعية للحفاظ على استدامة الموارد المتاحة وتنميتها، وتذليل الصعوبات التي تواجه زراعة محصول القمح في سورية.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الورشة التخصصية التي تنعقد اليوم تحت شعار (تطوير ادارة محصول القمح لمواجهة أثر التغيرات المناخية) والتي ستتناول بالتفاصيل تحليل وتفسير مجمل الأسباب التي أدت إلى عدم وصول الإنتاج إلى المستوى المطلوب،وماهي التحديات التي واجهت زراعة وانتاج محصول القمح في الموسم السابق 2022-2023، بالإضافة الى الرؤى المستقبلية لتطوير زراعة هذا المحصول وتطبيق أفضل الأساليب العلمية لتجاوز أو التقليل من أثر التغيرات المناخية للوصول إلى انتاج عالي يحقق الامن الغذائي في سورية.