خط أحمر – دانيه الدوس :
ربما لم يعد أمراً مهماً أن تصلك رسالة على موبايلك تقول يرجى استلام بنزين من محطة كذا فنسبة لا بأس بها ممن يملك سيارة، لم يعد لديه قدرة على تعبئتها بالبنزين أصلاً، وخاصة بعد أن ارتفع سعر التنكة الى 250ألف ليرة، يقول الخبير الاقتصادي د.زياد عربش في ظل الارتفاع غير المسبوق في جميع السلع أصبح المواطن يفاضل في السلع التي يود شرائها فيفضل مثلاً شراء طبخة اليوم على تعبئة سيارته أو ربما يبيع مخصصاته من البنزين في السوق السوداء ليؤمن قوت يومه، فقد أصبح المواطن بحاجة الى 750 ألف ليرة شهرياً في حال رغب بتعبئة رسالة البنزين إن وصلته 3 مرات في الشهر، طبعاً هذا المبلغ يمكن أن يصل الى المليون في حال اضطر لشراء البنزين من السوق السوداء. ..!!..
وأضاف: البعض ممن يبعد بيته عن مكان عمله مسافة كبيرة بات يحسب كل خطوة قبل أن يذهب بسيارته الى مكان عمله إن كان هنالك مكان لركن سيارته أم لا، إن كان عائد عمله يغطي له نفقات تعبئة البنزين، فيختار إما أن يذهب عبر دراجته أو بأي وسيلة أخرى أو ربما يختصر جميع مشاويره بوقت واحد كي لا يضطر لدفع كامل راتبه تكلفة لتعبئة البنزين، فهنالك من وصلته رسالة البنزين ولا يملك ثمن تعبئتها.!!…
تخبط ليلي
خلال أقل من 20 يوماً ارتفع سعر البنزين 3مرات ليصبح سعر اللتر 10آلاف ليرة، هذا القرار الذي اعتبره المواطنون تخبطاً، فلماذا لا يتم رفع السعر مرة واحدة هل من المعقول ان تصدر ثلاث تسعيرات للبنزين والمازوت خلال أقل من شهر، وبتوقيت ليلي وبيوم عطلة، يبرر عربش رفع السعر على مراحل لعدم قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمة، لكن القيام برفع السعر وتوفيره في السوق أفضل أم عدم توفره بشكل كامل أفضل، فعند ارتفاع السعر وتقليل فترة وصول المخصصات يقل الاستهلاك وتالياً تتوفر المادة.
وأشار عربش الى وجود ندرة في الموارد حالياً وأن الحكومة تقوم منذ سنوات على إدارة الندرة فإنتاجية الاقتصاد ضعيفة جداً و40% من كلف الإنتاج طاقة كما أن كلفة النقل غالية جداً فأسعار المشتقات النفطية في سورية كلها مستوردة بالدولار، وما يتم تأمينه من القطع عبر التصدير بالكاد يكفي لشراء الأدوية والحليب للأطفال، مشيراً الى أن أسعار النفط ارتفعت عالمياً والامداد أيضاً ارتفع فكيف يمكن شراء برميل نفط أصبح سعره 80 دولار، وهذا لا يزال خام فهو بحاجة الى مصفاة ونقل وتوزيع وشحن وتأمين ، مشيراً الى أن الأحداث التي مرت بها المنطقة ساهمت في ارتفاع أسعار البنزين فبعد استعادة النشاط الاقتصادي بعد جائحة كورونا، بدأت الحرب الأوكرانية الروسية ومن ثم تلاها العدوان الإسرائيلي على فلسطين، رغم ذلك لا أحد يختلف على أن سعر تنكة البنزين باتت أعلى من راتب الموظف فالقدرة الشرائية للمواطن باتت ضعيفة للغاية لا تكاد تؤمن له قوت يومه.
مفارقات معيشية
ورأى عربش وجود مفارقات في مستوى المعيشة كبير فهنالك طبقة فقيرة للغاية وأخرى تأتيها تحويلات مالية خارجية من هنا وهناك، فشيء طبيعي أن يقوموا بشراء الفروج ودفع سعره 200 ألف ليرة وهؤلاء لا تتجاوز نسبتهم 5%، بينما الغالبية يضطرون للوقوف 3 مرات على الدور في المخبز ليقوموا ببيع مخصصاتهم من الخبز، على التوازي هنالك أشخاص لا يستطيعون تدبر أمر أكلهم وأولادهم.
ودعا عربش الى ضرورة القيام بمسح اجتماعي ونظام صحي وتعليمي، كما لا بد من تغير طريقة التفكير والانتقال من عملية رفع الأسعار الى تشغيل عجلة الاقتصاد والمحافظة على الطاقة وعدم هدرها، فليس من المعقول أن يبقى أمام مبنى مجلس الوزراء مناراً 24 ساعة بدون أي تقنين وهنالك فاقد من الكهرباء 40% !!
وأشار عربش الى أن الاحتياج المحلي من البنزين لا يكفي قرية صغيرة، فهو لا يعادل 10 % من المطلوب من مشتقات الطاقة، فنحن بحاجة الى 90 مليون دولار شهرياً لشراء غاز ومازوت وبنزين.!!..