خاص- خط أحمر :
في العديد من الدول تم إحداث “هيئة النزاهة” ومهمتها مراقبة الثراء غير المشروع لكبار المسؤولين وصغارهم، وكل من يعمل في الشأن العام، ومن ثم مهمتها متابعة نمو أملاك هذه الفئة ودراسة مصادر أموالها المشرعة وغير المشروعة، والإعلان عن أسماء الفاسدين والمبالغ المالية التي تم تحصيلها منهم والمتوجب ودفعها للخزينة، والحجز على أملاكهم في حال السفر لتحصيل حصة الخزينة وتحصين أموالها من الفساد والسرقة.
صحيح أن هناك من يعمل في سورية اليوم ويلاحق بعض الفاسدين، ونقول البعض والكثير منهم يطالب بأموالا كبيرة لم يسرقها، والبعض يطالب بمئات الملايين وهو سرق المليارات، ومنهم من نفذ من المحاسبة، ومنهم من تقاسم الحصص وتمت التغطية عليه، والكثير من القصص والسوالف تسمعها يومياً في الشارع السوري وحتى نقطع الشك بالقين ويكون العمل موثق وفق الأصول، ونطبق ما هو متبع في دول الجوار كما هو الحال في العراق فالحل يكون في إحداث “هيئة النزاهة” .
البعض يقول وما نفعها كون الأجهزة الرقابية موجودة من الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، ووجود عشرات الفروع للهيئة والجهاز وآلاف المفتشين والجولات التفتيشية وغيرها، نقول إن طبيعة عمل هيئة النزاهة يختلف عن الأجهزة الرقابية، فالأخيرة مهمتها كشف الفساد والتدقيق في العقود وعلى تطبيق القوانين والانظمة، أما هيئة النزاهة فمهمتها ستكون في متابعة الكسب غير المشروع من خلال إجراء مقابلة مع كل من يترشح إلى منصب وظيفي، والقيام بدراسة معمقة عن ممتلكاتها التي ورثها عن أهله أو التي اكتسبها بعمله، وعن ممتلكات زوجته وأخواته والحسابات البنكية له ولأسرته، ودراسة مداخيلة السنوية والشهرية، ومصاريفه خلال الفترة الماضية، والمنح التي حصل عليها.
وبعد تصريح المرشح لوظيفة مدير عن هذه الممتلكات يمكن لهيئة النزاهة أن تتابع كل من يدخل إلى الوظيفة العامة ويخرج منها وتدرس التطور المالي الذي جرى لممتلكاته، وفي حال تسجيل قفزات شاذة هنا يمكنها التدخل والتدقيق في ممتلكات كبار المسؤولين ومتابعة حساباتهم الخارجية، ومصاريفهم اليومية، ومصاريف أسرتهم وتحصيل أموال الخزينة التي تسبب بهدرها من أجل الكسب غير المشروع، وهنا نتحدث عن الطفرات التي تحدث وليس عن املاك بسيطة .
ومن يتابع حال الراتب في سورية والتعويضات والسفرات والمكافآت والبدل وغيره فمن غير المعقول أن يمتلك موظف من راتبه كتلة مالة تقدر بعشرات المليارات، ومن غير المعقول أن يكون لدى الوزير عشرات الأبنية السكنية والمزارع والسيارات والأرصدة البنكية الخارجية، ومن غير المعقول أن يكون رئيس لجنة فنية أغنى من مدير بنك خاص، أو مدير رقابة أغنى من مدير اقليمي لشركة كبيرة أو وزير أغنى من تاجر أب عن جد ولديه تجارة مربحة وكسب مشروع، وفي حال التدقيق على بعض الاثرياء المستمرين في أعمالهم في كبار الوظائف سنجد العجائب السبع.
هيئة النزاهة في حال تم تفعيلها بالشكل المهني والقانوني ستتمكن من ضبط الفاسدين، وستغربل الطامحين بالحصول على الوظائف من أجل استثمار الكرسي، والذين يدفعون الليرات الذهبية سيذهبون إلى استثمارات خاصة بعيدة عن الإدارة، وستنضف المناصب الحكومية من وجود الفاسدين، وسيخشى من هم في السلطة من نشر هيئة النزاهة أسماء الفاسدين وحجم المبالغ المتوجب عليهم دفعها ، ومطالبته بمبالغ كبيرة لخزينة الدولة، وستحظى هذه الهيئة بالدعم الشعبي من قبل الشرفاء وسيتم احتقار الفاسدين من قبل المجتمع وسيعمل الجميع للحفاظ على سمعته قبل أمواله، ولا يوجد أي مبرر لعدم إحداث هذه الهيئة إلا الخوف من قبل الفاسدين والقائمين على المناصب الحكومية وسجلهم أسود.