“إكراميات” ..أم فساد ؟!

خط أحمر
لا الهيئات المختصة ولا المؤسسات المعنية، ولا أي جهة تأتي بمهام محددة وللحد من مسبباته ومحاصرة أبطاله ، تصلح الحال الذي آل الى ماهو عليه من فنون وأساليب احتيال ونصب لها مدارسها وشخوصها ،ليست تلك الجهات بقادرة على تحريك أي ساكن، فالحال وصل لدرجة السقم الذي لا أمل من شفاءه، وأضحى الفساد مهيمنا ، في كل مفصل ومرفق ، وفي أي معاملة أو مراسلة أو خدمة، فالفساد والشخص الفاسد اتخذ له كل وسيلة ممكنة لتأصيل وتسويق لوازمه ولواحقه، وسخرَّ كل الإمكانات في سبيل وصوله إلى هدفه ومبتغاه، ولا يتوقف الأمر عليه فحسب، بل سعى سعياً حثيثا إلى إفساد من حوله، ونشر الفساد في أرجاء المؤسسة أو الجهة المتواجد فيها وما أكثر الوقائع اليوم، فاستعظم الأمر، واستحال اجتثاثه واجتثاث الفاسدين ومن معهم، وباتت المؤسسات رهنهم رغم امتلاك تعدد الوسائل التي تسعى إلى قمعهم وإبطال فسادهم، لكن الجهات المعنية ربما تكون غير قادرة ببعض الأحيان.
والمتمعن في الجهات التي طالها الفساد يرى عجبا من أن من وسد له أمر مؤسسة أو ادارة أو دونها أصبح هو على رأسها متهما ،عادة يكون الفساد دونه في غياب الرقابة منه، وكثيرة هي الحالات التي ينتشر فيها الفساد والاهمال وتباطؤ العمل لإشاعة جو الرشا وابتزاز المواطن ، فصار طلب الاكرامية تطلب صراحة “بازار ” حقيقي ، كل شيء له سعره وتكلفته، مسألة خدمة لوجه الله ، صارت من المنسيات ، أجواء كلها سمسرة ، فضاع الصالح بالطالح وتاهت البوصلة ، ولم تعد القيم والأخلاق بمحل ، كله ذهب من الريح ، ريح الغلاء والتضخم وضعف القوة الشرائية ، والكل يغني على ليلاه ، واللهم نفسي ، فمع موجات غلاء المعيشة والظروف الاقتصادية الصعبة ، ظهرت وتنوعت طرق الفساد والاكراميات ، كله مسعر حتى كلمة التحية ” مرحبا ” لها حساباتها وتكاليفها ، فكيف التلفونات وتشغيل الواسطات ..؟؟! بدهي أن يخطب المسؤول بأنه كافح كل قنوات وعينه على شخوص الفساد ، إلا أنه قد يكون الشخص الذي يدعي النزاهة هو “عراب” الفساد ومسهل اجراءاته ومشرف على” طبخاته ” وهناك بعض من المديرين من يتخفى بالفساد قد يظهر في الاحتفالات واللقاءات الخاصة ، وغيرها يقف على أنه رأس الإنجاز وعنوان الصلاح الذي تحقق في اداراته أو مؤسسته أو غيرها بمنظر مهيب، وخطاب لا يخلو من الحماسة والتنميق والتصفيق، لكن واقع الحال وبمرور الأيام وتتابعها يتبين أن ما أخفاه من فساد بانت رسومه، وأصبح ظاهراً لا مراء فيه، وأنه عاش زمنا وأنه عازم أن يعيش به دهرا ، وانه وأتباعه من الفاسدين برغيد العيش .

لا نقول جديداً أو غريباً ، الفساد في الشارع ، في المدرسة، في البلدية وعند المختار، في الدوائر ، وبين علاقات الناس ، ناهيك عن أساليب تمريق لجان الشراء والإشراف والتنفيذ وغيرها من لجان العملة ..!
ياترى هل مكافحة ذلك أو التقليل من انتشاره لأمر صعب …؟ وحتى لا يختلط الحابل بالنابل، فلا بد من علاج أوجه القصور في كل وزارة ومؤسسة حكومية في ترتيب الوظائف على أسس علمية مهنية، يراعى فيها صلاح من يوسد الأمر إليه، ويحاط بسياج منيع ممن يراقبون سير عمله وحسن سلوكه من خلال جهاز حيادي يكون فيه من همهم صلاح الأمور وحسن إتقانها، ولا ينقصنا إلا الإرادة والقرار بالمعالجة التي يجب أن تطال كل من أساء أو ارتكب أو سرق ، فأجهزة الإدارات الرقابية قادرة، فيتحتم الأمر تسخير كل الإمكانات التي تمكنهم من تتبع جذور الفساد وإيصالها إلى القضاء العادل بقوانينه ورجاله.
وأخيراً ..ليست العبرة بالمؤسسات، ولا الهيئات، ولا الوزارات، ولا غيرها في كبح جماح الفساد، وإنما بالأمانة، إذا ما وجدت الأمانة وأخلصت النوايا في ظل الجهات الرقابية والوسائل الإصلاحية تحقق المطلوب .