خط أحمر
من المناسب في أي إجراء مراجعة لما تم القيام به من عمل، وما تم إنجازه من برامج ومشاريع بهدف التصحيح والتقييم، وبما يضمن استخلاص الدروس والعبر للمضي قدماً ومواصلة بذل الجهود الكفيلة بترسيخ وتعزيز الإنجازات على أرض الواقع.
السؤال هنا : هل الإدارات الرسمية صاحبة القرار تعمل وفق ذلك ..؟أم كل شيء وليد اللحظة ..؟!
هناك العديد من التحديات والمصاعب العالمية والإقليمية والمحلية التي قد تواجه جهود وبرامج الإصلاح الهادفة لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، ولكن يجب أن لا يغيب عن أذهان صاحب القرار أن هذه الرؤية تمثل الأداة التي تم التوافق عليها لتجاوز الصعوبات والتحديات، وهي بمنزلة خارطة طريق لإطلاق الإمكانات وبناء المستقبل، وبفضل ما تمتاز به من تشاركية في الإعداد بين القطاعين العام والخاص، وضمانة باستمراريتها بغض النظر عن تغير الأشخاص ومتابعة الحكومة للخطوات التنفيذية، كل ذلك يمثل دليلاً على إمكانية الوصول للمستهدفات وتحقيق الطموحات ويتيح المجال للمحاسبة والمساءلة المستندة إلى معطيات واقعية معززة بالإنجازات، خاصة تلك المرتبطة بالأثر المباشر على حياة المواطنين وعلى رأسها فرص العمل المستحدثة ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
ماذا لدينا من رؤى ياترى ..؟ مايلاحظ هناك غياب للبرامج والخطط الواقعية للآفاق التي متوقع حدوثها غداً ..والمبرر ماذا بحيازة الجهات التنفيذية في القدرة على مواكبة التغيرات والتعامل مع المستجدات بمرونة وديناميكية ..؟ فمثلاً في حال كانت هناك صعوبات في توفير التمويل اللازم لبرنامج أو مشروع ما تستطيع الجهة المعنية أن تركز جهودها في إجراء إصلاحات إدارية وتحضيرات لوجستية لا تحتاج إلى تمويل، ولكنها تساعد في اختصار الوقت والجهد المطلوبين للتنفيذ مستقبلاً..نحن لم نفلح بهذه ولا بتلك ..!
رؤية التحديث الاقتصادي مشروع وطني والنجاح في تنفيذه بالشكل المطلوب يتطلب أوسع مشاركة ممكنة من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع ، لذلك تعد الشفافية وإتاحة البيانات من العناصر المهمة التي تساهم في توسيع المشاركة وإطلاق الإمكانات وحشد الطاقات سعياً لتحقيق نسب نمو ملائمة وتوليد فرص عمل ورفع مستوى التنافسية، وصولاً إلى تحسين نوعية الحياة، هذا بالإضافة إلى توفير البيئة الاستثمارية الملائمة للقطاع الخاص ليتمكن من القيام بدور فعال في ميادين الاستثمار المختلفة، وأيضاً ليكون شريكاً أساسياً في جذب وتحفيز الاستثمارات وصياغة الخطط التنفيذية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتلك القطاعات الاقتصادية التي تشكل قاطرة النمو أو المرتبطة بتوليد القيمة المضافة والاستثمارات النوعية وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات.
وأمام مايحصل.. ماهي الصورة اليوم ..؟ فالجمود وقلة في إيجاد منظومة حلول ليست بتلك المحطة المحفزة ولا تعطي دليلاً بأن الإدارات تعمل وفق برامج متكاملة، مثلاً عندما تحصل أزمة أو عند تصدير مادة أو السماح لاستيراد سلعة، أو أي إصلاحات وما أكثر الخطط الإصلاحية، نلمس أن المعالجة تكون متسرعة وغير مبنية على أسس واستراتيجيات تفي بالغرض ..! واليوم ومع تضاؤل قدرة القطاع العام على استحداث الوظائف بات واضحاً أن التصدي للمصاعب والتحديات المرتبطة بالبطالة مثلاً، يكمن في تمكين القطاع الخاص وتعزيز الشراكة الحقيقية معه باعتبار ذلك شرطاً لازماً للنجاح، ولا شك بأن هناك حاجة أيضاً لتمييز الجهات التي تقوم بأداء دورها بشكل فعال عن تلك التي لا تستغل كامل الإمكانات المتاحة، ما يعني معالجة السلبيات التي تشوب عمل بعض الجهات في القطاع العام.
تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتحويلها إلى واقع لا يمكن اعتباره عملاً موسمياً بل نمط حياة يومياً وورشة عمل مستمرة تتشكل من خلالها وعبر تراكمها نقلة نوعية في حياة المواطنين تتمثل في توفير فرص العمل وتحسين الخدمات وإرساء أسس التنمية المستدامة، مع الوعي بأن العمل الذي يتم القيام به اليوم يشكل ملامح المستقبل ويضمن للأجيال الشابة مستقبلاً يتميز بالعدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون ويفتح الآفاق أمامهم لتحقيق طموحاتهم والاستفادة من قدراتهم وإمكاناتهم ومعارفهم للمساهمة في نهضة الوطن وازدهاره…فأين أعمالنا من ذلك ..؟!