واضح أن الدولة السورية استردّت عافيتها ، وحالة الانتصارات تتوالى وتأخذ أبعاداً يوماً بعد يوم، وصارت حقيقة وبدأت قنوات الانفتاح تأخذ مساراتها شيئاً فشيئاً ، تكثّفت اللقاءات على مستوى قادة الدول في المنطقة العربية وعقد الجلسات لخلق أجواء إيجابية تؤسّس لمرحلة جديدة بعيداً عن أحادية قطبية ، بل أساساتها التعاون واللقاء الذي يوسع مسارات الفوائد والنفع على الشعوب ، ويحمي مكتسباتها وحقوقها . وسورية كما هو معروف ترتبط بعلاقات قوية مع بعض الدول ، ووصل مستوى علاقاتها حدّ بناء تحالفات واستراتيجيات عميقة .
تشكّل العلاقات السورية – الإيرانية واحدة من أقوى علاقات الدعم والإسناد في تاريخ منطقة الشرق الأوسط الحديث، فلم تشهد المنطقة ، وربما العالم ، تحالفاً استراتيجياً بثبات العلاقات السورية الإيرانية ، وبقدرتها على التطوّر والتوافق والانسجام والرؤى المشتركة في ظروف صعبة مرّت بها المنطقة ، فخصوصية العلاقات السورية – الإيرانية تنبع من أرضية خصبة في الأهداف والمرامي ، تحوّلت إلى تحالف متين واستراتيجي بين البلدين ، شكّل جسوراً قوية على الصعد السياسية والاقتصادية وآفاق التعاون بالمجالات الأخرى كافة .
واليوم جاءت زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية، ولقاؤه مع السيد الرئيس بشار الأسد، والتوقيع على مذكرات تفاهم جديدة ، ثمرة جديدة تضاف إلى ثمار ما تحقّق من تطوّر التحالفات الإستراتيجية الداعمة لخير الشعبين والدفاع عن مصالحهما المشتركة، وتم التوقيع على ثماني مذكرات ، منها بالشقّ الزراعي، ومذكرة بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية ، ومحضر اجتماع في مجال السكك الحديدية ،ومحضر اجتماع بخصوص الطيران المدني ، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة ، وأخرى في المركز الوطني للزلازل في سورية والمعهد الدولي للهزّات في إيران ، ومذكرة تفاهم في مجالات الاتصالات وأخرى بالنفط .
صحيح جاءت الزيارة من بوابة تعزيز التعاون الاقتصادي، وحملت أكثر من مؤشر بهذا الشأن ، لكن مدلولاتها في الشأن السياسي واضحة وكبيرة ، فإيران تريد أن تقول: إن تحالفها مع سورية تحالف مهمٌ وركيزة أساسية لا حياد عنها ، ولتقول لدول المنطقة : إن مكانتها لا تتغير وأن تكون على اطلاع تام على كل تفاصيل المباحثات الحاصلة ورسائل الانفتاح تجاه سورية من دول عربية وتركيا، فالرسالة هي أن حقوق إيران مصانة والعلاقات تتطور ، وما على دول الجوار إلا فهم أن العلاقة بين إيران وسورية علاقة وجود تام .
وربما تؤشر الرسالة أيضاً إلى أن إيران دولة لها مصالح ، وتقدّم نفسها لتكون مشاركاً أساسياً ، والدخول كلاعب محترف في مشاريع إعادة الإعمار في سورية، لما تمتاز به من مقوّمات تجعلها قوة ضاربة في هذا السياق .
ويتبين من أجواء الزيارة أن العلاقات بين البلدين آخذة منحى إيجابياً ، يعزّز مكانة ما تم الوصول إليه ويبني مداميك جديدة في توسيع كل مجالات التعاون والتشارك ، ويمكن التأكيد على أن قوة العلاقة بين دمشق وطهران هي بمثابة صمّام الأمان في المنطقة ، من خلال تفاهمات تراعي المصالح العامة ، ورؤى ثابتة ، وتنسيقات بلغت مداها ، ستجني ثمارها شعوب المنطقة خيراً واستقراراً .